إصلاح النفس بداية إصلاح المجتمع

– قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ }
– [ الرعد: 11 ].
أولا : فساد البشرية قبل البعثة النبوية :
قد أرسل الله تبارك وتعالى نبيه محمد إلى هذه الدار وقد فسدت أخلاق الناس، وعظمت مشاكل القوم، وضلت عقولهم فعبدوا الأصنام التي نحتوها بأيديهم، وتاه فيهم الحق فاستبد الظالم بالمظلوم، وعاث المتكبر في الأرض فسادا.
كان الناس قبل حبيب الله كان الناس أصناما من البشر، تعبد أصناما من الحجر، كان الظالم يفخر ويفتخر بقدرته على الظلم، ويعلن أنه سيظل يظلم إلى آخر قطرة من دمه وآخر يوم في عمره. الحياة في ظل هذه الأجواء حياة قلقة مضطربة، كانت تقوم الحروب وتحصد شباب العرب لأتفه الأسباب، فقامت حرب من أجل ناقة وقامت حرب من أجل كلب، قتلت الحروب من شباب القبائل العربية الكثير.. فأين كانت عقول القوم؟ وأين كانت أفهامهم؟ هذا هو السؤال المحير.
– ثانيا : بعثة النبي آية الإصلاح الكبرى :
جاء الحبيب ، ولم يكن يتصور أن الناس سوف يردون الخير الذي جاءهم به، أو يمتنعون من قبول الحق الواضح، وهكذا دائما أصحاب العقول الرشيدة، يتعجبون من محاربة الناس عندما يأتونهم بشيء فيه مصلحة لهم، ولذلك حينما قال له ورقة بن نوفل حينما عرض عليه أمر جبريل حين أتاه في أول الوحي، قال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل على موسى وإنك نبي هذه الأمة، ثم قال: ليتني كنت فيها جزعا إذ يخرجك قومك. فاستغرب النبي أو يأتي إنسان للناس بمصباح الظلام ثم يردونه؟!، أو يأتي للناس بأسباب الخير ثم يخرجونه؟!، قال: أو مخرجي هم؟!، قال: نعم، ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأوذي في قومه، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، هذه طبيعة الباطل.. الباطل لا يطيق أن يرى الحق ولا أحدا من أهل الحق، يقول ربنا جل وعلا عن سيدنا صالح النبي الصالح، وعن الذين وقفوا له بالمرصاد، جاء صالح ليحارب الفساد، وكان هناك مجموعة مفسدة في الأرض غير مصلحة، وهنا يستنفر أهل الفساد قوتهم لحرب الصلاح وحرب أهل الحق، يقول المولى عز وجل: يقول: وَكَانَ فِي المَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (النمل: 48 -49)، أي حلف بعضهم لبعض بالله أن يقتلونه هو وأهله وهم في بيات، أي أن مهمة هؤلاء القوم الذين يفسدون ولا يصلحون التخلص من المصلح ؛ لأن بقاءه من وجهة نظرهم يعنى زوال الأجواء التي يستفيدون منها ولهذا بيتوا قسما بالله فيما بينهم على أن يقتلوه لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ * وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ، وهكذا كان كل الأنبياء، والحبيب أتى برسالة النور، وهناك فئة تحب أن تعيش في الظلام، أتى برسالة الإصلاح، وهناك فئة تحب أن تعيش في أجواء الفساد، أتى بالهداية، وهناك فئة تريد أن تعيش في أجواء الضلال والغواية.